العربية

استكشاف معمق للمعاملات الموزعة وبروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC). تعرف على بنيته، ومزاياه، وعيوبه، وتطبيقاته العملية في الأنظمة العالمية.

المعاملات الموزعة: تحليل عميق لبروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC)

في عالم اليوم المترابط بشكل متزايد، تحتاج التطبيقات غالبًا إلى التفاعل مع البيانات المخزنة عبر أنظمة متعددة ومستقلة. هذا يؤدي إلى ظهور مفهوم المعاملات الموزعة، حيث تتطلب عملية منطقية واحدة إجراء تغييرات عبر عدة قواعد بيانات أو خدمات. يعد ضمان اتساق البيانات في مثل هذه السيناريوهات أمرًا بالغ الأهمية، وأحد أشهر البروتوكولات لتحقيق ذلك هو بروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC).

ما هي المعاملة الموزعة؟

المعاملة الموزعة هي سلسلة من العمليات التي يتم تنفيذها على أنظمة متعددة ومشتتة جغرافيًا، وتُعامل كوحدة ذرية واحدة. هذا يعني أنه يجب إما أن تنجح جميع العمليات داخل المعاملة (الالتزام)، أو ألا تنجح أي منها (التراجع). يضمن مبدأ 'الكل أو لا شيء' هذا سلامة البيانات عبر النظام الموزع بأكمله.

لنتخيل سيناريو يقوم فيه عميل في طوكيو بحجز رحلة طيران من طوكيو إلى لندن على نظام طيران واحد، وفي نفس الوقت يحجز غرفة فندقية في لندن على نظام حجز فنادق مختلف. يجب التعامل مع هاتين العمليتين (حجز الطيران وحجز الفندق) بشكل مثالي كمعاملة واحدة. إذا نجح حجز الطيران وفشل حجز الفندق، يجب على النظام بشكل مثالي إلغاء حجز الطيران لتجنب ترك العميل عالقًا في لندن دون سكن. هذا السلوك المنسق هو جوهر المعاملة الموزعة.

مقدمة إلى بروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC)

بروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC) هو خوارزمية موزعة تضمن الذرية عبر عدة مديري موارد (مثل قواعد البيانات). يتضمن منسقًا مركزيًا وعدة مشاركين، كل منهم مسؤول عن إدارة مورد معين. يعمل البروتوكول على مرحلتين متميزتين:

المرحلة الأولى: مرحلة الإعداد (Prepare Phase)

في هذه المرحلة، يبدأ المنسق المعاملة ويطلب من كل مشارك الاستعداد إما للالتزام بالمعاملة أو التراجع عنها. الخطوات المتبعة هي كما يلي:

  1. يرسل المنسق طلب إعداد: يرسل المنسق رسالة "إعداد" (prepare) إلى جميع المشاركين. تشير هذه الرسالة إلى أن المنسق مستعد للالتزام بالمعاملة ويطلب من كل مشارك الاستعداد للقيام بذلك.
  2. يستعد المشاركون ويستجيبون: يتلقى كل مشارك طلب الإعداد ويقوم بالإجراءات التالية:
    • يتخذ الخطوات اللازمة لضمان قدرته على الالتزام بالمعاملة أو التراجع عنها (على سبيل المثال، كتابة سجلات الإعادة/التراجع).
    • يرسل "تصويتًا" إلى المنسق، يشير إما إلى "جاهز للالتزام" (تصويت بـ "نعم") أو "لا يمكن الالتزام" (تصويت بـ "لا"). قد يكون التصويت بـ "لا" بسبب قيود الموارد، أو فشل التحقق من صحة البيانات، أو أخطاء أخرى.

من الأهمية بمكان أن يضمن المشاركون أنهم يستطيعون إما الالتزام بالتغييرات أو التراجع عنها بمجرد تصويتهم بـ "نعم". يتضمن هذا عادةً حفظ التغييرات في تخزين دائم (مثل القرص).

المرحلة الثانية: مرحلة الالتزام أو التراجع (Commit or Rollback Phase)

تبدأ هذه المرحلة من قبل المنسق بناءً على الأصوات التي تم تلقيها من المشاركين في مرحلة الإعداد. هناك نتيجتان محتملتان:

النتيجة الأولى: الالتزام (Commit)

إذا تلقى المنسق أصوات "نعم" من جميع المشاركين، فإنه يشرع في الالتزام بالمعاملة.

  1. يرسل المنسق طلب التزام: يرسل المنسق رسالة "التزام" (commit) إلى جميع المشاركين.
  2. يلتزم المشاركون: يتلقى كل مشارك طلب الالتزام ويطبق بشكل دائم التغييرات المرتبطة بالمعاملة على مورده.
  3. يقر المشاركون: يرسل كل مشارك رسالة إقرار إلى المنسق لتأكيد نجاح عملية الالتزام.
  4. يكمل المنسق: عند استلام الإقرارات من جميع المشاركين، يقوم المنسق بتمييز المعاملة على أنها مكتملة.

النتيجة الثانية: التراجع (Rollback)

إذا تلقى المنسق صوت "لا" واحدًا على الأقل من أي مشارك، أو إذا انتهت مهلة انتظاره لاستجابة من أحد المشاركين، فإنه يقرر التراجع عن المعاملة.

  1. يرسل المنسق طلب تراجع: يرسل المنسق رسالة "تراجع" (rollback) إلى جميع المشاركين.
  2. يتراجع المشاركون: يتلقى كل مشارك طلب التراجع ويتراجع عن أي تغييرات تم إجراؤها استعدادًا للمعاملة.
  3. يقر المشاركون: يرسل كل مشارك رسالة إقرار إلى المنسق لتأكيد نجاح عملية التراجع.
  4. يكمل المنسق: عند استلام الإقرارات من جميع المشاركين، يقوم المنسق بتمييز المعاملة على أنها مكتملة.

مثال توضيحي: معالجة طلبات التجارة الإلكترونية

لنتخيل نظام تجارة إلكترونية حيث يتضمن الطلب تحديث قاعدة بيانات المخزون ومعالجة الدفع عبر بوابة دفع منفصلة. هذان نظامان منفصلان يحتاجان إلى المشاركة في معاملة موزعة.

  1. مرحلة الإعداد:
    • يرسل نظام التجارة الإلكترونية (المنسق) طلب إعداد إلى قاعدة بيانات المخزون وبوابة الدفع.
    • تتحقق قاعدة بيانات المخزون مما إذا كانت العناصر المطلوبة متوفرة في المخزون وتحجزها. ثم تصوت بـ "نعم" إذا نجحت العملية أو "لا" إذا كانت العناصر غير متوفرة.
    • تقوم بوابة الدفع بالترخيص المسبق للدفع. ثم تصوت بـ "نعم" إذا نجحت العملية أو "لا" إذا فشل الترخيص (على سبيل المثال، عدم كفاية الأموال).
  2. مرحلة الالتزام/التراجع:
    • سيناريو الالتزام: إذا صوتت كل من قاعدة بيانات المخزون وبوابة الدفع بـ "نعم"، يرسل المنسق طلب التزام لكليهما. تقوم قاعدة بيانات المخزون بتخفيض عدد المخزون بشكل دائم، وتقوم بوابة الدفع بالتقاط الدفعة.
    • سيناريو التراجع: إذا صوتت إما قاعدة بيانات المخزون أو بوابة الدفع بـ "لا"، يرسل المنسق طلب تراجع لكليهما. تقوم قاعدة بيانات المخزون بتحرير العناصر المحجوزة، وتقوم بوابة الدفع بإلغاء الترخيص المسبق.

مزايا الالتزام الثنائي المراحل

عيوب الالتزام الثنائي المراحل

بدائل الالتزام الثنائي المراحل

نظرًا لقيود 2PC، ظهرت عدة مناهج بديلة لإدارة المعاملات الموزعة. وتشمل هذه:

التطبيقات العملية للالتزام الثنائي المراحل

على الرغم من قيوده، لا يزال 2PC يُستخدم في سيناريوهات مختلفة حيث يكون الاتساق القوي مطلبًا حاسمًا. بعض الأمثلة تشمل:

تنفيذ الالتزام الثنائي المراحل

يتطلب تنفيذ 2PC دراسة متأنية لعوامل مختلفة، بما في ذلك:

اعتبارات عالمية للمعاملات الموزعة

عند تصميم وتنفيذ المعاملات الموزعة في بيئة عالمية، يجب مراعاة عدة عوامل إضافية:

الخاتمة

تُعد المعاملات الموزعة وبروتوكول الالتزام الثنائي المراحل (2PC) مفاهيم أساسية لبناء أنظمة موزعة قوية ومتسقة. بينما يوفر 2PC حلاً بسيطًا ومعتمدًا على نطاق واسع لضمان الذرية، فإن قيوده، لا سيما فيما يتعلق بالحجب ونقطة الفشل الوحيدة، تستلزم دراسة متأنية للنهج البديلة مثل أنماط "ساغا" والاتساق النهائي. إن فهم المفاضلات بين الاتساق القوي والإتاحة والأداء أمر حاسم لاختيار النهج المناسب لاحتياجات تطبيقك المحددة. علاوة على ذلك، عند العمل في بيئة عالمية، يجب معالجة الاعتبارات الإضافية المتعلقة بكمون الشبكة، وفروق التوقيت، وتوطين البيانات، والامتثال التنظيمي لضمان نجاح المعاملات الموزعة.